علامة حلبية مميزة وشيفرة عصية عن الحل، استحوذت على اهتمام سكان حلب وباقي المحافظات السورية، من تحليل وتساؤلات لمعرفة أسرار أبو زكور، أو ما يعرف “بالرجل الأصفر” الذي يرتدي وينتعل ويحمل المقتنيات الصفراء.
حتى اليوم ومنذ الثمانينيات، وأبو زكور يجوب الشوارع والأماكن العامة، مولداً في نفس كل من يراه الفضول، لمعرفة حقيقة عمله وتمويله، والهدف الذي يصبو إليه من ظهوره ووقوفه في أماكن حساسة في محافظة حلب.
على الرغم من تقدُّم الرجل الأصفر بالسن (57عاماً) إلا أنه مازال إلى الآن يواظب على عمله بالوقوف في أماكن معروفة، وفي ساعات محددة من النهار، كفندق الشيراتون بحلب، وسوق التلل ذي التجمع الكبير من أطفال ونسوة ورجال، والمحلق أيام الصيف الحار.
أبو زكور الذي دامت وقفته منذ عام 1983 بلباسه الأصفر- وحيد دون رفيق- يطرح الأسئلة على الشعب ويأخذ آراءهم ويعرضها بمعرفته على أشخاص معينين، كما يقوم أيضاً بالتنبؤ وتحليل الأمور السياسية في العالم والدول، وغالباً ما تصح الأطروحات والتحليلات التي جاء بها، من جراء وقفته وتخزين المعلومات التي يراها في عقله، بحكم معرفته بالسياسيين وتتبعه لنشاطاتهم وتحركاتهم وكيفية أدائهم لمهامهم الوظيفية، عدا عن أنه يقوم بتحليل الشخصيات العادية عن طريق نبرة أصواتهم وطريقة تحدثهم والتنبؤ بالمستقبل لهم أيضاً.
الأصفر ينفي الشائعات التي تتهمه بالتعامل مع جهات استخبارية، كما ينفي اتهام الأغلبية له من الشعب الحلبي باللاأخلاقية، وتسييره لأمور الدعارة بقوله “طريقة حديثي مع النساء اللاتي يتصورن ويضحكن معي، تخلق جواً من الأقاويل والأفكار السيئة، لكون الناس يهتمون بالظاهر فقط، إضافة إلى أنَّ الشخص الذي يعمل في هذا المجال يجب أن يكون لديه مال كاف لإسرافه على هكذا أمور”، واستفسر بقوله: “هل من المعقول ألا تراني الحكومة بما أنني أمارس مهنتي منذ ربع قرن”، وطالب من جهته بالإثبات!!!.
تمويل هذا الرجل والطريقة التي ينفق بها على نفسه، سؤال دار في ذهننا وذهن الكثيرين ممن عرفوه أو سمعوا به، لكنه رغب أن يبقي سره شخصياً، رافضاً الإفصاح عن الجهة التي تزوِّده براتبه وقوته اليومي، كما رفض الأقاويل التي تصنفه بالرجل المعقد أو المجنون قائلاً: “لا نقدِر أن نربط لسان الناس أجمعين، وأنا ألوم الأشخاص الذين يلفِّقون الأحاديث على لساني، بنشرهم للإشاعات من خلال السماع قيل عن قال”.
الرجل الأصفر لا ينفي معرفته بمسؤولين سابقين في محافظة حلب ، ورئيس الوزراء التركي، وغيره من الزوار، الذي يلتقيهم “صدفة”، ويستحوذ على اهتمامهم وتساؤلاتهم، وغالباً ما يختفي في أرجاء محافظة حلب، ليتنقل ما بين دمشق وحلب والقامشلي وباقي المحافظات من فترة إلى أخرى.
أبو زكور الذي يعيش أرملاً، لا تضعف شخصيته أمام أهوائه وأفكاره بانتزاع اللون الأصفر عن جسده، وتغييره إلى لون آخر أثناء وجوده وحيداً في منزله، لكونه بات جزءاً لا يتجزأ عن شخصيته وأسلوبه في طريقة عيشه، ويصرُّ على استخدامه هذا اللون” الذي يسهِّل إنهاء معاملاته في الدوائر الحكومية “إلى أن يكتشف لوناً آخر يجذب الناس إليه” .
يمتلك الأصفر 65 بدلة كاملة من القبعة إلى الجوارب، يتخللها طبعاً الجاكيت والبنطال والقميص وربطة العنق، موكلا اختيار الزي وتفصيل كل جزء منه إلى خياط معين، إضافة إلى البدلات الداخلية والأحذية، ولا تغيب عن ذهنه إكسسوارات اللباس الخاص به، من مسبحة وجهاز الموبايل والجزدان أصفر اللون، حتى تناوله الزهورات الصفرا، وهو ما فعله أثناء زيارته لمقر الجريدة.
الرجل الأصفر غدا علامة فارقة وظاهرة بحد ذاتها تميز مدينة حلب عن غيرها من المدن السورية، وإلى الآن مازال الغموض يحوم حوله، ولم يبرئه الشارع الحلبي من إشاعاتهم وتكهناتهم