خليلى هذا ربع عزة فاعقلا *** قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلت
ومسا ترابا كان قد مس جلدها *** وبيتا وظلا حيث باتت وظلت
ولا تيأسا أن يمحو الله عنكما *** ذنوبا إذا صليتما حيث صلت
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا *** ولا موجعات القلب حتى تولت
وقد حلفت جهدا بما نحرت له *** قريش غداة " المأزمين " وصلت
أناديك ما حج الحجيج وكبرت *** " بفيفا غزال " رفقة وأهلت
وما كبرت من فوق " ركبة " رفقة *** ومن " ذي غزال " أشعرت واستهلت
وكانت لقطع الحبل بيني وبينها *** كناذرة نذرا فأوفت وحلت
فقلت لها : يا عز كل مصيبة *** إذا وطنت يوما لها النفس ذلت
ولم يلق إنسان من الحب ميعة *** تعم ولا عمياء إلا تجلت
تمنيتها حتى إذا ما رأيتها *** رأيت المنايا شرعا قد أظلت
كأني أنادي صخرة حين أعرضت *** من الصم لو تمشي بها العصم زلت
صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة *** فمن مل منها ذلك الوصل ملت
أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها *** وحلت تلاعا لم تكن قبل حلت
فليت قلوصي عند عزة قيدت *** بحبل ضعيف حز منها فضلت
وغودر في الحي المقيمين رحلها *** وكان لها باغ سواي فبلت
وكنت كذي رجلين : رجل صحيحة *** ورجل رمى فيها الزمان فشلت
وكنت كذات الظلع لما تحاملت *** على ظلعها بعد العثار استقلت
أريد الثواء عندها وأظنها *** إذا ما أطلنا عندها المكث ملت
فما أنصفت أما النساء فبغضت *** إلى وأما بالنوال فضنت
يكلفها الغيران شتمي وما بها *** هواني ولكن للمليك استذلت
هنيئا مريئا -غير داء مخامز *** لعزة من أعراضنا ما استحلت
فوالله ما قاربت إلا تباعدت *** بصرم ولا أكثرت إل أقلت
وكنا سلكنا في صعود من الهوى *** فلما توافينا : ثبت وزلت
وكنا عقدة عقدة الوصل بيننا *** فلما تواثقنا : شددت وحلت
فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا *** وحقت لها العتبى لدينا وقلت
وإن تكن الأخرى فإن وراءنا *** منادح لو سارت بها العيس كلت
خليلي ان الحاجبية طلحت *** قلوصيكما وناقتي قد أكلت
فلا يبعدن وصل لعزة أصبحت *** بعاقبة أسبابه قد تولت
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة *** لدينا ولا مقلية إن ثقلت
ولكن أنيلي واذكري من مودة *** لنا خلة كانت لديكم فطلت
فإني وإن صدت لمثن وصادق *** عليها بما كانت إلينا أزلت
فلا يحسب الواشون أن صبابتي *** بعزة كانت غمرة فتجلت
فأصبحت قد أبللت من دنف بها *** كما أدنفت هيماء ثم استلبت
فوالله ثم الله ما حل قبلها *** ولا بعدها من خلة حيث حلت
وما مر من يوم على كيومها *** وإن عظمت أيام أخرى وجلت
وأضحت بأعلى شاهق من فؤاده *** فلا القلب يسلاها ولا العين ملت
فيا عجبا للقلب كيف اعترافه *** وللنفس لما وطنت كيف ذلت
وإني وتهيامي بعزة بعدما *** تخليت مما بيننا وتخلت
لكالمرتجي ظل الغمامة كلما *** تبوأ منها للمقيل اضمحلت
كأني وإياها سحابة ممحل *** رجاها فلما جاوزته استهلت
فإن سأل الواشون فيم هجرتها *** فقل نفس حر سليت فتسلت
كثير عزة
**********
رقَّتْ بوصفِ جمالكِ الـأقوال *** ورأتْكِ فافتَتنت بك العذَّالُ
وهبَ الإلـه بكِ الجمالَ تجملا *** حتى كأنكِ للجمال جَمال
كل العيون إذا برزتِ شواخص *** كيما تراك وغضُّهن محال
وإذا الخَلِيّ رآك عاد بمهجةٍ *** للوجدِ مخترق بها ومجالُ
كم قد سفرتِ ففي القلوب قولـه *** لما رأوْكِ وفي العقول خيال
فرَموكِ بالـأبصار وهي كليلة *** من نور وجهك نورهنّ مُذال
ربطوا الـأكفَّ على ضلوع تحتها *** بين النواظر والقلوب جِدال
لو كنت في أيام يوسف لم تكن *** بجمالِ يوسف تُضرب الـأمثال
ولطَّعتْ دون الـأكف قلوبَها *** شوقاً إليك مع النساء رجال
كم قد يجور على جفونِك سُقمُها *** كسرا وتُجهِد خَصرَكِ الـأكفال
عجباً لطرفِكِ رهو أضعف ما *** أرى يرنو فترهَب فتكه الـأبطال
معروف الرصافي
**********
أرى أم عمرو أجمعت فاستقلت *** وما ودعت جيرانها إذ تولت
وقد سبقتنا أم عمرو بأمرها *** وكانت بأعناق المعلى أظلت
بعيني ما أمست فباتت فأصبحت *** فقضت أمورا فاستقلت
فواكبدا على أمينة بعد ما *** طمعت فبها نعمة العيش زلت
فيا جارتي وأنت غير مليمة *** إذا ما مشت ولا بذات تفلت
لقد أعجبتني لا سقوطا قناعها *** إذا ما مشت ولا بذات تلفت
كأن لها في الأرض نسبا تقصه *** على أمها وإن تكلمك تبلست
تبيت بعيد النوم تهدى غبوقها *** لجاراتها إذا الهدية قلت
تحل منجاة من اللوم بيتها *** إذا ما بيوت بالمذمة حلت
أميمة لا يخزى نثاها حليلها *** إذا ذكر النسوان عفت وجلت
إذا هو أمسى آب قرة عينه *** مآب السعيد لم يسل أين ظلت
فدقت وجلت واسبكرت وأكملت *** فلو جن إنسان من الحسن جنت
فبتنا كأن البيت حجر فوقنا * بريحانة ربحت عشاء وطلت
بريحانة من بطن حلية نورت *** لها أرج ما حولها غير مسنت
وباضعة حمر القسي بعثتها *** ومن يغز يغنم مرة ويشمت
الشنفري