هو رجل اللغة القاطعة
كان هو رجل اللغة القاطعة .كانت جمله تقتصر على كلمات قاطعة للشك ،
تراوح بين " طبعا " و" حتما " و" دوما " و" قطعا ".
وبإحدى هذه الكلمات ، بدأت قصّتهما منذ سنة . تماماً كما بإحداهنّ إنتهت منذ شهرين.
تذكر أنّه يومها ، قطع المكالمة فجأة ، بإحدى هذه الكلمات المقصلة ، وأنها بقيت للحظات معلّقة إلى خيط الهاتف ، لا تفهم ماذا حدث .
إكتشفت
بعد ذلك ، أنه لم يكن بإمكانها أن تغير شيئا . فتلك الكلمات ما كانت لغته
فحسب. بل كانت أيضا فلسفته في الحياة ، حيث تحدث الأشياء بتسلسل قدريّ ثابت
، كما في دورة الكائنات ، وحيث نذهب " طوعاً " إلى قدرنا ، لنكرر " حتماً "
بذلك المقدار الهائل من الغباء أو من التذاكي ، ما كان لا بدّ " قطعاً "
أن يحدث. لأنه " دوماً " ومنذ الأزل قد حدث ، معتقدين "طبعاً " أنّنا نحن
الذين نصنع أقدارنا !
كيف لنا أن نعرف ، وسط تلك
الثنائيات المضادّة في الحياة ، التي تتجاذبنا بين الولادة والموت.. والفرح
والحزن.. والإنتصارات والهزائم .. والآمال والخيبات.. والحب والكراهية..
والوفاء والخيانات.. أننا لا نختار شيئا مما يصيبنا.
وأنّا في مدّنا وجزرنا ، وطلوعنا وخسوفنا ، محكومون بتسلسل دوريّ للقدر. تفصلنا عن دوراته وتقلّباته الكبرى ، مسافة شعره .
كيف لنا أن ننجو من سطوة ذلك
القانون الكونيّ المعقّد الذي تحكم تقلباته الكبيرة ، تفاصيل جدّ صغيرة ،
تعادل أصغر ما في اللغة من كلمات ، كتلك الكلمات الصغرى التي يتغير بها
مجرى حياة !
***************
مقتطف من رواية " فوضى الحواس "
كان هو رجل اللغة القاطعة .كانت جمله تقتصر على كلمات قاطعة للشك ،
تراوح بين " طبعا " و" حتما " و" دوما " و" قطعا ".
وبإحدى هذه الكلمات ، بدأت قصّتهما منذ سنة . تماماً كما بإحداهنّ إنتهت منذ شهرين.
تذكر أنّه يومها ، قطع المكالمة فجأة ، بإحدى هذه الكلمات المقصلة ، وأنها بقيت للحظات معلّقة إلى خيط الهاتف ، لا تفهم ماذا حدث .
إكتشفت
بعد ذلك ، أنه لم يكن بإمكانها أن تغير شيئا . فتلك الكلمات ما كانت لغته
فحسب. بل كانت أيضا فلسفته في الحياة ، حيث تحدث الأشياء بتسلسل قدريّ ثابت
، كما في دورة الكائنات ، وحيث نذهب " طوعاً " إلى قدرنا ، لنكرر " حتماً "
بذلك المقدار الهائل من الغباء أو من التذاكي ، ما كان لا بدّ " قطعاً "
أن يحدث. لأنه " دوماً " ومنذ الأزل قد حدث ، معتقدين "طبعاً " أنّنا نحن
الذين نصنع أقدارنا !
كيف لنا أن نعرف ، وسط تلك
الثنائيات المضادّة في الحياة ، التي تتجاذبنا بين الولادة والموت.. والفرح
والحزن.. والإنتصارات والهزائم .. والآمال والخيبات.. والحب والكراهية..
والوفاء والخيانات.. أننا لا نختار شيئا مما يصيبنا.
وأنّا في مدّنا وجزرنا ، وطلوعنا وخسوفنا ، محكومون بتسلسل دوريّ للقدر. تفصلنا عن دوراته وتقلّباته الكبرى ، مسافة شعره .
كيف لنا أن ننجو من سطوة ذلك
القانون الكونيّ المعقّد الذي تحكم تقلباته الكبيرة ، تفاصيل جدّ صغيرة ،
تعادل أصغر ما في اللغة من كلمات ، كتلك الكلمات الصغرى التي يتغير بها
مجرى حياة !
***************
مقتطف من رواية " فوضى الحواس "