أتحفنا مبدعو الإعلانات وكعادتهم خلال شهر رمضان بإعلانات كثيرة في الفضائيات السورية .. هذه الإعلانات التي لايشاهدها أحد لولا حشرها حشراَ خلال بث بعض المسلسلات التي تحظى بمتابعة من قبل الناس ..
وفي السابق من الزمان وفي الأيام الخوالي ، أيام البث التلفزيوني الأرضي ، كان الناس قد تآلفوا مع نمط وحيد من الإعلان لكل المنتجات ..
حيث تقوم بعض الراقصات والراقصين ببعض الحركات البلهاء الرتيبة ( مايسمى رقصا فلكلوريا ) والتمايل والنطز على أنغام سمجة مكررة لألحان شعبية مرددين كلمات بلهجة عامية شامية تتغزل بهذا المنتج أو ذاك
تلك المنتجات التي لاتخرج عن نطاق بضع أصناف غالبا هي ( علكة - مناديل ورقية - سكاكر أطفال - فوط نسائية - بودة عصير )
والطريف أنه وبعد الغزو الفضائي وامتلاء الأجواء بمئات من المحطات والقنوات حتى الإعلانية المتخصصة ..
لايزال سادة الإعلانات عندنا على حالهم .. وكأن التطور لايعنيهم وكأن الإعلان موجه لأناس لايزالون في عصر التلفزيون الأبيض والأسود ...
يظهرون الناس وكأن لاهم لهم سوى علك العلكة والتغني بروعتها والتدافع لشرائها ونزول المصائب عند عدم الحصول عليها .. ثم مسح العرق المبذول في سبيل ذلك بمناديل الورق اللامثيل لها والتي تزيل كل الهموم ومتاعب الحياة وتضمن راحة أبدية لمستخدمها .. ولاننسى تناول السكاكر التي لطيب مذاقها تجعل من كتب عليه أن يستقبل الحياة باكيا يرقص في بطن أمه .. !
ثم الإسراع والمباشرة بوضع الحفاضات للأطفال لضمان نموهم العقلي السليم ولاننسى نساءنا فلا تكتمل الحياة العائلية والثقة بالنفس الا بالفوط الحنونة التي تمنح الثقة لنصف المجتمع وتدفع به لآفاق رحبة تغمرها المحبة والسعادة..
وبعد كل هذا وذاك تتوج العائلة يومها السعيد بشرب العصير السحري المصنوع من خلطة الشباب الدائم ..
شاهدت ( مكرها ..كحال الكثير منا ) العديد من الدعايات خلال شهر رمضان
والمؤسف أنه خلال عقدين أو أكثر من الزمن لم يتغير فيها شيء مهم ..
الأسلوب هو نفسه ، تبث بنفس صوت المعلق وبذات الطريقة وبنفس مايسمى باللحن وتوابعه ، وما تغير هو اسم المنتج فقط ، فبدلا من علكة شعيط أصبحت علكة معيط ، ومناديل فعيص أصبحت مناديل جعيص وفدعوس وغيرهم ،
بل وأصبح التهديد والتوعد بالمشاكل الجسيمة إذا لم تستخدم هذا المنج أو ذاك لاحق بك لامحالة .. فعليك الإسراع والا فاتك الوقت وياويلك وسواد ليلك ...
ولعل دعاية يظهر فيها أحدهم ممتطيا صهوة شوارب عملاقة يجر معه عائلتة الطيفة التي لاذنب لها ، يدخل مطعما ليشرب (بس مي) ..
هذه الدعاية يجب أن تنال لقب أسوء إعلان تجاري لأنها ذات مفعول عكسي مثير للكل الأحاسيس السلبية ..
( يعني يا أبو شوارب إذا بدك تفوت على مطعم مشان تغير جو مع عيلتك .. اعلم انو اصحاب المطعم حاطين دم قلبهم مشان يشتغلوا من زباين بتدفع مقابل كل الخدمة هاي .. مو جايهم بشواربك مع بس مي ؟! )
وكان من الأفضل أن يكون المشهد لنفس العائلة في أحد الأماكن الطبيعية الجميلة التي يحفل بها بلدنا الحبيب وتقوم حضرة شواربك بملئ ابريق الماء من ينبوع ماء عذب صافي وتكمل بعده شطارتك واستمتاعك بالعصير ..!!
حقيقة لم نستطع بلع هذه الدعاية حتى مع ابريق كامل من هذا العصير اللذيذ ..
الإعلان فن راق جميل وأصبح علما وتخصصا ودراسة أكاديمية عند من يفهم ..
وأذكر إعلان في محطة CNN عن شركة اتصالات عالمية .. الإعلان مدته لاتتجاوز بضع ثواني .. يظهر فيه رجل يقف في أعلى طبقة من برج ايفل في باريس ينظر إلى الشمس وهي تغرب بمشهد ساحر جميل .. وهويحمل هاتف محمول يخاطب أحدهم ويقول مشيرا للشمس .. هاقد رحلت .. وفي نفس اللحظة يظهر رجل صيني يقف على سور الصين العظيم على الجانب الآخر من الأرض ..ينظر إلى الأفق حيث تبزغ الشمس مشرقة بنورها البهي باطلالة ولا أروع .. ليقول للفرنسي مبتسماً : هاقد وصلت ..
كل هذا مع موسيقى غاية في الروعة ..
وصلت رسالة المعلن ونقل كل ماأراد عن هذه الشركة وعظمتها وخدماتها وامتدادها عبر القارات .. بطريقة مؤثرة جذابة رائعة وبماقل ودل ..
لم أشاهد أي إعلان ذا قيمة فنية على الإطلاق في المحطات السورية ..نتمنى أن يتغير الحال مع توخي المصداقية وعدم تضليل المستهلك ..
وأود أن أختم بأن أغرب إعلان شاهدته هو تسابق أحد الوزارات الحكومية لبث اعلان يحاصرنا بكل مكان لإفراغ الجيوب الفارغة أصلا واختيارهم لوقت تزدحم فيه المصروفات ( أعياد – رمضان- مدارس- شتاء قادم ..) ، مقابل ماذا ..
بدون تعليق ..
ديري
نقلا عن عكس السير
وفي السابق من الزمان وفي الأيام الخوالي ، أيام البث التلفزيوني الأرضي ، كان الناس قد تآلفوا مع نمط وحيد من الإعلان لكل المنتجات ..
حيث تقوم بعض الراقصات والراقصين ببعض الحركات البلهاء الرتيبة ( مايسمى رقصا فلكلوريا ) والتمايل والنطز على أنغام سمجة مكررة لألحان شعبية مرددين كلمات بلهجة عامية شامية تتغزل بهذا المنتج أو ذاك
تلك المنتجات التي لاتخرج عن نطاق بضع أصناف غالبا هي ( علكة - مناديل ورقية - سكاكر أطفال - فوط نسائية - بودة عصير )
والطريف أنه وبعد الغزو الفضائي وامتلاء الأجواء بمئات من المحطات والقنوات حتى الإعلانية المتخصصة ..
لايزال سادة الإعلانات عندنا على حالهم .. وكأن التطور لايعنيهم وكأن الإعلان موجه لأناس لايزالون في عصر التلفزيون الأبيض والأسود ...
يظهرون الناس وكأن لاهم لهم سوى علك العلكة والتغني بروعتها والتدافع لشرائها ونزول المصائب عند عدم الحصول عليها .. ثم مسح العرق المبذول في سبيل ذلك بمناديل الورق اللامثيل لها والتي تزيل كل الهموم ومتاعب الحياة وتضمن راحة أبدية لمستخدمها .. ولاننسى تناول السكاكر التي لطيب مذاقها تجعل من كتب عليه أن يستقبل الحياة باكيا يرقص في بطن أمه .. !
ثم الإسراع والمباشرة بوضع الحفاضات للأطفال لضمان نموهم العقلي السليم ولاننسى نساءنا فلا تكتمل الحياة العائلية والثقة بالنفس الا بالفوط الحنونة التي تمنح الثقة لنصف المجتمع وتدفع به لآفاق رحبة تغمرها المحبة والسعادة..
وبعد كل هذا وذاك تتوج العائلة يومها السعيد بشرب العصير السحري المصنوع من خلطة الشباب الدائم ..
شاهدت ( مكرها ..كحال الكثير منا ) العديد من الدعايات خلال شهر رمضان
والمؤسف أنه خلال عقدين أو أكثر من الزمن لم يتغير فيها شيء مهم ..
الأسلوب هو نفسه ، تبث بنفس صوت المعلق وبذات الطريقة وبنفس مايسمى باللحن وتوابعه ، وما تغير هو اسم المنتج فقط ، فبدلا من علكة شعيط أصبحت علكة معيط ، ومناديل فعيص أصبحت مناديل جعيص وفدعوس وغيرهم ،
بل وأصبح التهديد والتوعد بالمشاكل الجسيمة إذا لم تستخدم هذا المنج أو ذاك لاحق بك لامحالة .. فعليك الإسراع والا فاتك الوقت وياويلك وسواد ليلك ...
ولعل دعاية يظهر فيها أحدهم ممتطيا صهوة شوارب عملاقة يجر معه عائلتة الطيفة التي لاذنب لها ، يدخل مطعما ليشرب (بس مي) ..
هذه الدعاية يجب أن تنال لقب أسوء إعلان تجاري لأنها ذات مفعول عكسي مثير للكل الأحاسيس السلبية ..
( يعني يا أبو شوارب إذا بدك تفوت على مطعم مشان تغير جو مع عيلتك .. اعلم انو اصحاب المطعم حاطين دم قلبهم مشان يشتغلوا من زباين بتدفع مقابل كل الخدمة هاي .. مو جايهم بشواربك مع بس مي ؟! )
وكان من الأفضل أن يكون المشهد لنفس العائلة في أحد الأماكن الطبيعية الجميلة التي يحفل بها بلدنا الحبيب وتقوم حضرة شواربك بملئ ابريق الماء من ينبوع ماء عذب صافي وتكمل بعده شطارتك واستمتاعك بالعصير ..!!
حقيقة لم نستطع بلع هذه الدعاية حتى مع ابريق كامل من هذا العصير اللذيذ ..
الإعلان فن راق جميل وأصبح علما وتخصصا ودراسة أكاديمية عند من يفهم ..
وأذكر إعلان في محطة CNN عن شركة اتصالات عالمية .. الإعلان مدته لاتتجاوز بضع ثواني .. يظهر فيه رجل يقف في أعلى طبقة من برج ايفل في باريس ينظر إلى الشمس وهي تغرب بمشهد ساحر جميل .. وهويحمل هاتف محمول يخاطب أحدهم ويقول مشيرا للشمس .. هاقد رحلت .. وفي نفس اللحظة يظهر رجل صيني يقف على سور الصين العظيم على الجانب الآخر من الأرض ..ينظر إلى الأفق حيث تبزغ الشمس مشرقة بنورها البهي باطلالة ولا أروع .. ليقول للفرنسي مبتسماً : هاقد وصلت ..
كل هذا مع موسيقى غاية في الروعة ..
وصلت رسالة المعلن ونقل كل ماأراد عن هذه الشركة وعظمتها وخدماتها وامتدادها عبر القارات .. بطريقة مؤثرة جذابة رائعة وبماقل ودل ..
لم أشاهد أي إعلان ذا قيمة فنية على الإطلاق في المحطات السورية ..نتمنى أن يتغير الحال مع توخي المصداقية وعدم تضليل المستهلك ..
وأود أن أختم بأن أغرب إعلان شاهدته هو تسابق أحد الوزارات الحكومية لبث اعلان يحاصرنا بكل مكان لإفراغ الجيوب الفارغة أصلا واختيارهم لوقت تزدحم فيه المصروفات ( أعياد – رمضان- مدارس- شتاء قادم ..) ، مقابل ماذا ..
بدون تعليق ..
ديري
نقلا عن عكس السير